أستاذة في رحلة البحث عن الفرعية…
في رحلة البحث عن الفرعية تسقط كل الشعارات تنمحي كل الامال يذهب كل شيئ أدراج الرياح.
لا أفهم ما علاقة ما درسناه بما نفعله فقد أصبحنا نتحدث لغة بدائية , سقطت كل النظريات من قبيل نظرية تشومسكي والمثلت البيداغوجي وغيرهما من الألفاظ التي كانت تزين خطاباتنا في المركز. في الفرعية نعود إلى حياة بدائية بكل المقاييس لا شيئ فيها يدل على الحضارة التي وصل إليها العالم فقط حاسوبنا الذي لا يفارقنا لعله ينسينا مرارة الوضع.
أحيانا أتساءل: كيف يتوقع المسؤولون عن سجننا ..أو عفوا تعييننا ..كيف يتوقعون أننا نحن الذين درسنا في الجامعة وتحاورنا مع دكاترة ورقى حديثنا معهم إلى أبعد الحدود كيف يتوقعون أن نستطيع التأقلم مع هذه الحياة البدائية.
كل صباح أستيقظ دون أي نشاط أذهب إلى قسمي إن صح إطلاق هذا المسمى على المكان الذي أمارس فيه مهنتي.. دعوني أسميه مجرد حجرة أحاول بين جدرانها أن أنقذ تلاميذي من ظلمات الأمية .وبعد جهد يدوم لساعات طويلة أجد أنهم لم يستوعبوا سوى 5 في المئة مما أردت إيصاله إليهم.
وفي خضم كل هذه المعاناة أسمع أحيانا بعض المسؤولين يتحدثون عن تشجيع التمدرس والتعليم فأضحك متسائلة:وماذا صنع لنا التعليم نحن الذين قضينا عشرات السنوات في المدارس ؟ الجواب بسيط لقد أعادنا سنوات إلى الوراء فوجدنا أنفسنا في وضع يرثى ……وتستمر المعاناة وتستمر معها رحلة البحث عن الفرعية…
قبل سنة واحدة من الان كان كل شيئ مختلفا كانت أحلام يقظتي تسير بي إلى اتجاه اخر مختلف تماما عما أنا فيه اليوم…لطالما كنت أحلم بحياة مختلفة وكنت أمني نفسي أن وظيفتي ستمكنني من العيش في قرية صغيرة فيها كل الشروط الضرورية لحياة عادية ليس إلا ،كنت أحلم بأنني سأشتري سيارة صغيرة وأسكن في بيت أنيق ومرتب وأقضي عطلة نهاية الاسبوع في أقرب مدينة إلي وأنني …..وأنني ….لكن كل هذا ظل أحلاما فقط فاستيقظت على وقع صفعة قوية على وجه أحلامي على ذوي تعيين خلط لي كل الأوراق ..فبدل أن أركب سيارتي الصغيرة عدت أتسلق جبلا عاليا مشيا على الأقدام, وبدل منزلي الصغير والأنيق أصبحت أعيش في غرفة مبنية بالتراب وأتوقع سقوطها كل ليلة .
لم أعد نفس تلك الفتاة التي كانت نشيطة وحيوية خلال فترة الجامعة والمركز فمنذ أن وطأت قدماي هذا المكان وأنا أشعر أنني أعيش كابوسا …أجل كابوس لم أعد أهتم بتفاصيل الأناقة والألوان والحقيبة والعطر بل إنني أحيانا أضطر لأن ألبس حذاءا من البلاستيك حتى أستطيع عبور المسالك الصعبة.ربما قال قائل أن نظرتي سوداوية وتشاؤمية وأن هذه مجرد فترة وستمر ورغم أنني أدرك أن هذا صحيح تماما إلا أن وضع المعلم في بلادنا لا يدعوا إلى التفاؤل ….ويقولون أن المعلم هو أكثر الموظفين ارتياحا بالله عليكم أيتجرأ أحد بعد كل ما وصفته أن يقول أننا مرتاحون…لكن كل شيئ ممكن في بلد يضطر فيها المعلم لركوب الدواب حتى يؤدي مهنته السامية”بين قوسين”فلا سمو يظهر فيما نعيشه..وهكذا يستمر كفاحي وتستمر معه المعاناة في ظل البحث عن الفرعية…يتبع
منى العيساوي
0 commentaires: